الأحد، يوليو ٢٩، ٢٠٠٧

عبقرية البقاء في المكان


عرف العالم نظماً سياسية مختلفة في تاريخه المعاصر والحديث، كثير منها لم يكن ديمقراطياً والبعض منها عرف بأنه اشتراكي، والآخر رأسمالي، وبين الاثنين ظهرت أفكار الطريق الثالث، والنظم الاشتراكية الديمقراطية، وعرفنا نحن في مصر النظام الاشتراكي في الستينيات والرأسمالي في السبعينيات، وجاءت الألفية الثالثة لترسخ أركان نظام جديد لا يمكن وصفة بالتأكيد بالنظام الاشتراكي ولا بالنظام الرأسمالي، إنما يمكن اعتباره «إضافة» في مجال النظم السياسية، حين قدم للعالم اختراعاً يمكن تسميته «النظام المتبلد

وبدا المشهد المصري الحالي في ظل النظام المتبلد مثيراً للدهشة والحيرة، فقد نجح في الاحتفاظ بمؤسسات عامة لا تعمل، وجامعات حكومية ليس لها علاقة لا بالعلم ولا الجامعة، وصحافة حكومية لا تقرأ وتضم موظفين يعملون في كل شيء إلا الصحافة، ومؤسسات بحث علمي لا تعرف إلا اضطهاد العلماء الحقيقيين، وإخراجهم من البلاد، وبات التعامل مع أي مؤسسة حكومية عامة مرادفاً في أغلب الأحيان إلي سوء الإدارة والفشل المهني

الواقع أن النظام المتبلد يعني ـ في الواقع ـ أنه ليست له علاقة لا بالاشتراكية ولا الرأسمالية، ولا أي خيار فكري متماسك أو حساسية سياسية، إنما هو يمتلك مهارة البقاء والاستمرار، عبر تجاهل كل المشكلات الموجودة والنظر إليها باعتبارها من توافه الأمور، وهو يطيع أمريكا في كل الأمور، إلا ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو لم يغير واقعاً واحداً ورثة عن النظام السابق، لأن هذا يدخل في إطار الحركة والفعل، ولا ينسجم مع عبقرية البقاء في المكان

فهل يعقل أن تظل مصر بين ثلاث دول في العالم مع أمريكا وإسرائيل التي ليس لها علاقات مع إيران، فالنظم الخليجية المحافظة المتحالفة مع الولايات المتحدة، والمتخوفة من برنامج إيران النووي لها علاقات دبلوماسية مع الجار الإيراني، ومصر ظلت علاقتها مقطوعة مع إيران، لأن هذا ما ورثته من عصر الرئيس السادات، وبالتالي أصبح الاحتفاظ به جزءاً من ثقافة البقاء في المكان، لأن تغيره يتطلب رؤية سياسية تتجاوز النظر إلي دور مصر وعلاقتها الدولية، علي ضوء الوقائع اليومية، وليس الحسابات الاستراتيجية

هذ جزء من مقال الدكتور / عمرو الشوبكى في جريده المصري اليوم

ليست هناك تعليقات: