الخميس، أغسطس ٣٠، ٢٠٠٧

كله تمام


الواحدة والنصف ظهرا..الجو شديد الحرارة.... الشمس حارقه .... الناس في طريقها إلي العودة إلي منازلها بعد انتهاء يوم عمل شاق .. في هذا الوقت كنت قد انتهيت من صلاه الظهر وفي طريقي أيضا إلي العودة للمنزل حتى اخبرني د/محمد أن د/ احمد رئيسي في المستشفي يريد أن يراني ... ذهبت إليه في الكافتريا وتحدثنا في بعض الأمور ... وإذا بضباب ودخان أبيض يخرج من المبني الرئيسي الذي به (وحده الغسيل الكلوي , العناية المركزة , الحضانة , بنك الدم
ذهبنا مسرعين إلي مكان الدخان ... الدخان يتصاعد ويملأ المكان ... الناس تهرع وتجري ... لا أحد يفعل شئ
الكل متفرج .... حتى أتي العمال وجاءوا بجرادل ماء وآخرين جاءوا بطفايات الحريق ....لا يوجد عمل محدد يقوم به هؤلاء العمال.... الوضع يزداد سوءا...... العشوائية تملأ المكان.....لا يوجد أشخاص مدربه لمثل هذه المحن ..... انطلقنا إلي وحده الغسيل الكلوي التي كانت في الدور الأرضي و التي كانت الأكثر تتضررا
دخلنا..... المرضي في كل مكان..... نائمون علي السرائر...... تخترق أجسادهم أنابيب تتصل بأجهزة الغسيل الكلوي .....الكل يسأل في دهشة... ماذا يحدث ؟؟؟؟ الأصوات ترتفع.... الهلع يملأ المكان..... المكان يمتلأ بالدخان ...الكل يجري..... بدأنا نخرج المرضي من الوحدة .... هذا يحمل هذا المريض..... وهذا علي الكرسي المتحرك ..... هذا لا يستطيع أن يتنفس ...... وهذا ينتظر في شغف من يخرجه من هذا المكان.... الحمد لله ....
المكان أصبح خاليا الآن من المرضي .... وقفنا خارج المبني ننظر إليه... المرضي يخرجون من أبواب المبني.. هذا من العناية يمسك بالمحلول المتصل بأوردته ..... هذا يحمل طفله وينجوا به من الحضانة التي أصبحت حضانة الموت.... محاولات إطفاء الحريق تتسم بالعشوائية ...... في هذه الأحيان برز هذا الشخص ... متوسط القامة .... أبيض الشعر ..... ماسك الموبايل بيده ويكلم شخص ما..... إنه مدير المستشفي ..... يقف بعيدا لينضم إلي مجموعه المشاهدين..... اتصلت بصديق لي صحفي اخبره بما حدث حتى يأتي ويشاهد.....
الثانية ظهرا..... انطفأ الحريق.... السبب اشتعال المواد المستخدمة في وحده الغسيل الكلوي المتواجدة خلف المبني.... سبب الاشتعال مجهول...... المكان أصبح أكثر هدوءا ...... مرضي الغسيل الكلوي جالسون أمام المبني...... تركت المستشفي واتجهت إلي المنزل.... وإذا بصديقي الصحفي يتصل بي ... كان في مؤتمر صحفي فلم يتمكن للحضور ... فجاءني لأخبره بما حدث.... وهو واقف معي اتصل بمدير المستشفي ليسأله عن الحادث
فإذا بالمدير يقول( متقولش حريق يا راجل ..... تعالي بس وأنا أأقولك علي إلي حصل... ده إحنا مش حنعمل محضر..... يا أستاذنا كل تمام.....) كله تمام .... كله تمام

ليست هناك تعليقات: